[color=red]السلام عليكم ورحمة الله وبركاته[/color][]
التكافل والتراحم والتعاضد الاجتماعي هي قيّم إنسانية مثلى وعليا دعت لها كافة الأديان
السماوية وبشّر بها الدين الإسلامي الحنيف بشكل خاص حيث كانت لبّ وجوهر العديد من الآيات القرآنية الكريمة في العديد من السوّر وتضمنتها الكثير من الأحاديث النبوية الشريفة التي تنادي بأن يكون المجتمع كالبنيان المرصوص وأن يصبح المؤمنون في تواددهم وتراحمهم كمثل الجسد الواحد الذي إذا اشتكى منه عضو تداعت له سائر أعضاء الجسد بالسهر والحمى. وبحمد الله فإن الكثيرين من العرب والمسلمين ما زالوا متمسكين بهذه القيم الحميدة .
والكوريون، كشعب وكأمة ومجتمع، ورغم بعض إفرازات التطور الصناعي والرأسمالي، ما زالوا محافظين على الكثير من قيّم التكافل الاجتماعي التي ظلت دوما جزءا من تقاليدهم و تراثهم البوذي والكونفوشي، وأبرزها قيمة برّ الولدين وتوقير الكبار وكفالة اليتيم حيث توجد العديد من المؤسسات الخاصة بذلك، والمجتمع الكوري بشكل عام حريص على التضامن في السراء والضراء، وإذا قدّر لك حضور مناسبة حفل عرس كوري ، فقد تعتقد أنك في مطعم أو فندق حيث يتوجه كل الحضور في نهاية الحفل إلى منضدة يجلس عليها محصل نقود ليدفع ما قد يبدو وكأنه فاتورة الحساب إلا أن تلك في واقع الأمر مساهمة(( بالعاميه تعرف بالعانيه)) ، أو نقوط، يدفعها كل شخص للعروسين للتهيؤ لدخول حياة جديدة ، والأمر يتكرر بشكل أو بآخر في المناسبات المختلفة.
المجتمع المتكافل هو مجتمع خيّر، والتعاضد أمر مطلوب وواجب اجتماعي وديني، ولكنه قد يكون سلاح ذو حدين وقد يتجاوز الحد بحيث ينقلب إلى الضد، ويصير نوعا من المضايقة والاستغلال و عبئا وعلة اجتماعية كريهة. الكثيرون من المغتربين العرب يشكون لطوب الأرض من مثل تلك الأعباء التي صارت في الكثير من الأحيان واجبا ملزما وفرض عين لا فكاك منه، والكثيرون منهم يضطرون لإنفاق نصف تحويشة الغربة من أجل شراء الهدايا وربما عقود العمل للأهل والأقارب من أصول وفروع وإلا وصموا بالبخل والجحود وقلة الفائدة، ورغم أن الأمر ليس كذلك تماما بالنسبة للكوريين إلا أن لديهم أحيانا ما هو أسوأ مثل الضمانات المصرفية وما إلى ذلك، فبعض الكوريين يعتقدون أن من العار والعيب التردد في تقديم ضمان لإنسان تجمعك به رابطة دم مباشرة، وقد قرأت في الأيام الماضية عن حادثة وصفت بأنها مألوفة جدا ومتكررة في المجتمع الكوري حيث تمّت مصادرة المنزل الوحيد الخاص بمطلقة وأم ل3 أطفال وبيعه في المزاد العلني بعد أن قامت، تحت ضغط من والديها، بضمان قرض مصرفي حصل عليها شقيقها الأكبر الحالم بالجاه والثروة، و الذي لا يخلو من سفه، لتنفيذ مشروع تجاري وفشل المشروع ، وكانت الضحية هي الأم المسكينة وأطفالها الأبرياء وكل ذنبها أنها وقعّت، تحت وابل ضغط أسري عنيف، على وريقة ولم تكن لتحسب أن الأمر سيمضي أبعد من ذلك .
هذه الحادثة جعلتني أتذكّر طرفة من أيام الدراسة الجامعية، حيث كان أستاذ العلوم السياسية وقتها يحاضرنا عن النظريات الفلسفية المقارنة ، وأثناء المحاضرة قال الأستاذ الساخر أن خلاصة الأمر هي:
أن الرأسمالية هي استغلال الإنسان بواسطة أخيه الإنسان.
والشيوعية هي استغلال الإنسان بواسطة المجــتمــع.
والاشتراكية هي استغلال الإنسان بواسطة الدولــــة.
أما الاشتراكية العربية فهي استغلال الإنسان بواسطة أهله وأقاربه.
ودمتم بود